الشمس تشرق دائما

في قلعة الثوار ... في جزائر الاحرار... ننثر عليكم ورودا وازهار

الجمعة، 2 فبراير 2018

العمى - جوزيه ساراماغو


العمى الأبيض
عمى ساراماغو.. لماذا جعله أبيضا ساطعا منيرا بدل السواد والقتامة!؟

لأن البياض حب.. حب لا يرى الآخرين "أنانية"
فالعميان اللذين سرقوا طعام الآخرين لم يفعلوا كرها لهم بل حبا لأنفسهم
والعميان اللذين راحوا يتدافعون فيدوس بعضهم بعضاً.. إنما كان يدفعهم الحب.. حب الحياة ولم يتعمدوا القتل.. حتى أن أحداً منهم لم يتوقع أن تكون نهايته هناك وبسبب حب الحياة نفسه.
الطعام هنا لم يرمز للأكل وحسب بل  لكل حقوقنا الأساسية..
والقرف.. الفضلات البشرية التي راحوا يتخلصون منها في أقرب مكان وحتى داخل الغرف.. ماكانوا يقصدون بهذا الفعل تعفين الجو وتسميم حياة الآخرين.. بل كان بحثاً عن راحتهم الذاتية السريعة.. ولم ينتبه أحد أنه سيختنق أيضاً بالقذارة ويغرق فيها.. هو أيضاً
والفضلات البشرية هنا.. تشمل الفضلات الفكرية واللفظية أيضاً.. فرغم كونها طبيعية.. انسانية.. لا يمكن انكارها والتملص منها.. يتوجب على الإنسان السوي أن ينزوي في مكان مغلق يستفرغ حقده وشره هناك.. ثم يغتسل ويخرج لمصافحة الناس بقلب نظيف ولسان عطر.
وقد أوضح ساراماغو ذلك عندما أصر الكهل ذو العين المعصوبة على أن يلعبوا لعبة :"ماذا كنت تفعل حين داهمك العمى؟"
أظنه أضاف هذا المقطع خصيصاً للتوكيد على أن تلك التفاصيل لم تكتب عبثاً.. بل كانت عرضاً لوجوه وأصناف الحب الذي يقود إلى العمى الأبيض.
الأعمى الأول كان أنانيا بفجاجة.. كذلك زوجته
.. ذات النظارة السوداء أيضاً.. والجميع كان أعمى بحب لذة ما.. وحتى الطفل الأحول.. والذي كان في سن الثمانية تقريبا مع ذلك غلب حبه للأكل حبه لأمه.
الطبيب أعمته الكتب.. فقد كان يرى فيها ولا يبحث عن الرؤية فيما عداها.
النظام.. يجب أن ننظم أنفسنا وإلا سنهلك.. معنى تكرر كثيراً على ألسنة كثيرة ولكنه لم يحدث على نطاق واسع نسبياً إلا بقوة السلاح وعلى يد السفاحين المحتكرين الجبناء.. اللذين كانوا عبارة عن عصابة من عشرين أعمى تشترك في الجشع والبطش.. ويقودهم صاحب المسدس ذي الطلقات المحدودة..
عزلوا أنفسهم وتمادوا في تجويع الأغلبية واذلالهم.. فمات الجميع حرقا تحت ركام المشفى والناجون تشردوا وتشتتوا -إن لم يذكرك هذا بشيء فتكون أنت الأعمى ;-)  -
إنتشار العمى الأبيض في البلد حوله لغابة.. بل لأدغال زفرة إن لم تمت فيها جوعا وتفترسك الكلاب حل بك الطاعون... مكان تمشي فيه لحتفك وموتك المحتوم الذي لا فكاك منه.
بيت الطبيب الذي حافظ على مفتاحه.. هو روح الطفولة الأولى.. والتي رغم صغرها وشح مخزوناتها...اتسعت لكل من تخلص من قذارته ودخلها باحثاً عن النقاء.. عاريا.
ثم عرف كيف يوازن بين قلبه الطفولي الصغير الشاسع وبين حاجته للمحيط العفن الآسن..
لماذا عمي الجميع؟ إلا زوجة الطبيب؟
خبأ ساراماغو السر في لوحات الكنيسة ذات الأعين المعصوبة جميعها عدا لوحة إمرأة واحدة.. عيناها لم تكونا في رأسها بل محمولتان على كفيها.. تنظران بعين المراقب المدقق المتشكك إليها أولاً ..
لماذا زال العمى..؟ لم يخبرنا جوزيه بذلك .. لكني خمنت أن أحدا نزع العصابات والطلاء الأبيض من لوحات الكنيسة وأعاد للإيمان بصيرته.











هناك 4 تعليقات: