الشمس تشرق دائما

في قلعة الثوار ... في جزائر الاحرار... ننثر عليكم ورودا وازهار

السبت، 20 فبراير 2016

أول يوم بطالة

el hamma

ركبت الميترو .. شردت قليلا فأضعت محطة النزول. . نزلت في المحطة اللاحقة مستدركة .. صعدت الدرج الكهربائي ساهمة .. بدى نفقا سحيقا ومظلما .. إنكمش جفناي من سطوع شمس الصباح .. نفق... نور...ظلام
للظلام سحره والنور مؤلم أيضا لهذا لا نراه ..حين فكرت في تصوير المنظر الرائع كنت قد وصلت الى نهاية النفق .. دون إكتراث نزلت عبر الدرج الآخر وأخذت هذه الصور
كانت أبواب الحديقة مغلقة وكذلك شباك التذاكر .. اقتربت أقرأ الإعلانات ..خفت أن لا تفتح اليوم .. أن تغلق أبوابها في وجهي هي الأخرى للمرة التالية ..فأتاني صوت من بعيد "عالعشرة عالعشرة" قلت في أي أيام الاسبوع تغلق! الأحد! قال لا ذاك كان سابقا أما الآن فتفتح كل يوم على العشرة
كانت العاشرة إلا عشرين دقيقة وكانت خطتي لنصف اليوم الأول أن أجلس فيها أراقب الأشجار .. السماء والطيور وأصمت ما طاب لي الصمت وكان معي كتاب ورواية .. قنينة ماء وقطع جبن لزوم التقشف .. وكنت أنوي أن أمر مساء على المكتبة المجاورة لأقول ..ليس لدي شهادة مدرسية فقط تخرجت قبل ألف سنة ولا شهادة عمل فأنا لا أمتلك وظيفة .. ألا يحق لمثلي أن يقرأ!
أعرف سحر الغابة وأدرك أني إن دخلت لن أخرج .. لهذا قررت أن أقصد المكتبة أولا لأرى..
وأنا أمشي غازلتني رائحة زكية جدا .. فإذا به محل صغير يبيع "الكسرة الساخنة" إقتنيت واحدة ولم أطق صبرا بدأت آكل منها مفكرة .. كيف يكون طعم هذه التحفة مع قطعة جبن ..ظل شجر وزقزقة العصافير .. وصفة سحرية أكتشفتها للتو..
عند مدخل المكتبة سألت عامل الإستقبال فقال لا بأس أحضري شهادة نجاح .. وشهادة إقامة أو شيكا مشطبا .. إدفعي الحوالة وهاتي صورتين وتعالي ..قلت ليس لي دفتر شيكات أتعامل بالبطاقة .. لابد من طابور البلدية على مايبدو فاجأني قائلا .. إدفعي الحوالة وعودي سأدخلك والملف يأتي لاحقا .. كدت أقفز فرحا أقبل جبينه فقبل سنة أتيت الى هنا مريضة جدا وعدت خائبة فاقدة للأمل
توجهت لمركز البريد .. أنوي أن اتبرع بالخبزة الساخنة .. قررت أن اتصدق خبزا ساخنا في المرات القادمة ..فهو يجلب السعادة أكثر من قطع نقدية باردة.. وأيضا مناسب لحالتي التقشفية الجديدة.. لم أصادف متسولا ولا مشردا واحدا ..فخمنت أني أحق منهم بخبزتي ..
بسرعة دفعت الحوالة .. عامل الاستقبال هناك أيضا كان لطيفا وأخبرني أن لا أقف في الطابور .. مكتب الحوالات مستقل.. الموظفة طيبة باسمة ..
السماء بزرقة وادعة لامعة بعد أن بكت كل غبارها مؤخرا.. البحر كألماسة لامتناهية يناديني بشوق ..أشتاقك بحري .. فوق الوصف .. لكن معجزة تحققت لي اليوم لن أفوتها ..
دخلت لاحقة حدسي .. تجاهلت أقساما كثيرة لتتوقف قدماي أخيرا أمام علم النفس والفلسفة ثم الأدب والبلاغة..قابلني اسم جيلالي خلاص ..لم أقرأ له سابقا ولا سمعت عن أسلوبه حملت كتابا بعنوان "رجل في خريف المدينة" قصدت كرسيا قبالة الواجهة الزجاجية ..  فكرت أن أستنجد بالسماء إن عازني التركيز أو أصابني الملل..
فإذا بها مجموعة قصصية جميلة جدا واذا به يطوي الساعات دون أن أشعر ..
أكملتها .. ألقيت نظرة على بقية الرفوف ..كنوز لا تنتهي .. سآتي هنا سأعود مرارا وتكرارا ..آه ليتهم يوظفوني أنفض غبار كل الكتب
وأنا أنزل الدرج رأيت مقهى في الاسفل .. دخلته وجدته يعج بطلبة شباب .. دفق من الحيوية والحياة ..به شرفة مطلة على الغابة المجاورة .. طلبت كوب شوكولا ساخنة.. واخترت كرسيا في الفناء يطل على الجمال كله ..
ضحكات .. ثرثرات .. منعت زقزقة العصافير عني .. لكنها لم تزعجني فهي زقزقة عصافير بشرية .. تخيلتك تجلس قبالتي.. تخيلتك تقول " جئت بي الى روضة الأطفال ".تخيلتني أحدجك بنظرة شريرة .. تشبهك..
وقلت "لا .. لن يرافقني أحد .. أنا أجمل بكثير حينما أكون وحيدة ..
وجزائري جميلة رغم التقشف.."








ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق