الشمس تشرق دائما

في قلعة الثوار ... في جزائر الاحرار... ننثر عليكم ورودا وازهار

الثلاثاء، 23 فبراير 2016

تحسبهم أغنياء من التعفف


مصادفة 1
إلتقيتها أول مرة بالترامواي خلال المعرض... عندما مرت بنا متسولة صغيرة تقلد اللهجة السورية لتستدر بعض الدريهمات... رغم ذلك ساعدها الكثيرون...
كانت هي سيدة في أواخر الأربعينات ... إلا أن قهر الزمن يجعلها تبدو أكبر سنا... قالت :" من يستحق الصدقة فعلا لا يطلبها... هناك من ينحت الصخر ليحصل على ثمن الخبز الحافي ومع ذلك لا يطاله"
امتلأت عيناها بالدموع عندما وهي تروي لنا أن سيدة تسكن الطابق العاشر من احدى العمارات...طلبتها لخدمات منزلية...قالت كنت مريضة جدا ولكني لم أرد أن أتكبر على النعمة ...فذهبت...غسلت وشطفت أغطية وزرابي مسحت الأرض والنوافذ وحتى الجدران وأنا أتصبب عرقا...وحين أكملت اعتذرت مني السيدة قالت :" ماعنديش الصرف...معليش تولي غدوة"
خجلت منها وخرجت خائبة...بتت ليلتي تحت وطأة الجوع ..الارهاق .. المرض والخيبة وماكان يشجعني على التحمل سوى موعد الغد
عدت في الغد وبعد اسبوع ثم بعد شهر... وإلى اليوم لم أقبض ثمن تعبي ..
مصادفة 2
يوم الخميس ..نادتني تلك السيدة لتترك لي مقعدها.. استغربت المصادفة فهي أول مرة في حياتي تتقاطع طريقي بشخص لا أعرفه  مرتين ..
رأيتها اليوم تجلس على الرصيف.. ترتاح قليلا لتكمل المشي لاحقا -هكذا خيل لي - ألقيت عليها التحية فسألتني تدرسين هنا .."أشارت للإكمالية ;)"
قلت لا يا خالة أكملت الدراسة منذ عقد تقريبا..انا كبيرة.. اعمل .. لكني تغيبت اليوم بسبب المرض
قالت:" كما فرحت بي..ربي يفرحك يابنتي..لا تستحقين المرض..ان شاء الله يموتوا عدياني"
قلت ان شاء الله ينساوك العديان
تركتها مضطرة بسبب الوقت .. فقد كان من الضروري أن أرسل مبررا قبل نهاية دوام اليوم الثاني من الغياب والطبيب يغادر باكرا ..
تركتها ولازمتني حيرة.. كيف يمكن مساعدة أصحاب الأنفة والحس المرهف يا الهي ..



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق