الشمس تشرق دائما

في قلعة الثوار ... في جزائر الاحرار... ننثر عليكم ورودا وازهار

الخميس، 17 مارس 2016

رسالة إلى السيدة زينب الميلي .. اكتبي لنا وسنطبخ لك

بعد ان خسرت وظيفة كانت تملأ وقتي .. تستهلك طاقتي وتجعل عقلي يتضور جوعاً .. وبعد أن أتممت ترتيب المنزل وتنظيف المطبخ واستفردت بجهاز التحكم بالتلفزيون .. رحت أقلب قنواته في ملل .. معاتبة نفسي .. ماذا تراك ستجدين عدا.. افلام مصرية بلا روح .. مسلسلات تركية بلا نهاية .. نشرات عربية بلا رحمة أو تصريحات شخصيات جزائرية بلا حياء .. لمحت الإعلامي محمد يعقوبي فتباطأت .. ﻷرى شخصيته المفقودة لهذه الحلقة .. صراحة لم أتابع هذه الحصة سابقاً لأني ما عدت أتحمل المزيد من روائح السياسة الكريهة ..
كانت تجلس قبالته سيدة استثنائية كان يناديها السيدة زينب .. سيدة يقتطع صدقها تذكرة مباشرة إلى القلب  .. صريخة وجريئة جداً .. صادقة مع نفسها ومع الآخرين وذات شجاعة مذهلة .. تسمرت وأنا أصغي إليها تتحدث عن رجال السياسة والتاريخ .. عن أدباء وزوجات الرؤساء .. أثلجت صدري بإجاباتها لبومدين وبن بلة حول مواضيع مصيرية كالتعريب .. التسرب المدرسي .. وابهرني رأيها المجدد في النسوية والذي لم يسبق أن سمعته من جزائرية قبلها .. إنتهت نصف الساعة الثرية تلك في لحظات قصيرة .. لأدرك أن هذه المفخرة لم تكن إلا زينب الميلي ابنة العلامة العربي التبسي وحرم محمد الميلي .. فلم أستطع أن أمنع نفسي من الإستنجاد باليوتيوب للأستزادة من سيل ذاكرتها التي تطوي بين تعرجاتها أهم منعرجات تاريخ الجزائر الحديث مدون بصدق ونباهة ورؤيا
تحدثت عن جمعية العلماء المسلمين .. عن والدها الأيقونة ..نشأته .. أحلامه .. هجرته .. عن عائلته وكيف ربى أبناءه وبناته .. عن تناقضاته و عن دوره خلال الثورة وقبلها وتضحيته لأجل الجزائر .. الجزائر التي أسلمت بعده إلى ثلة جاحدة عمياء .. وكيف حول العمى عباسي مدنس من رجل ثوري وطني الى مارد كاد ييتلع الجزائر بمن فيها
قالت الكثير والكثير بأسلوب شيق وصراحة مبهرة وبكلمات قوية نابعة من قلب يعشق الجزائر رغم جحود  مسيريها .. وحين سألها الأستاذ يعقوبي لماذا لا تملكين مؤلفات سيدتي أجابت أن لها كتابا واحدا كتبته بالعربية وبالفرنسية وأنه مثل صاحبته لم يكتب له أن يرى النور .. تمنيت أن تحدثنا أكثر وأكثر وأكثر كما تألمت لأجل الجزائر .. مقبرة المواهب كما تسميها السيدة زينب .. لماذا تخفي الجزائر شموعها وتطمسها وتتباهى برمادها وخرداواتها .. لماذا تهمش أيقونة كالسيدة زينب ويؤتى لنا بمن لا تعدل شسع نعلها تخطب علينا صبح مساء .. نتثاءب ونشعر بالغثيان ثم نسارع بتغيير المحطة صوب مشرق الأرض أو بإتجاه مغربها! ليقال لاحقاً شباب مستهتر تنصل من هويته
لماذا يراد للشباب الجزائري أن يصدق أن رحم بلاده مشوهة .. وعقلها متخلف .. وأنها لم تعد تنجب إلا العاهات ولم تعد تربي إﻻ اللصوص أو القتلة
هذه رسالة مفتوحة للسيدة زينب الميلي .. إرمي المكنسة والملعقة من يديك سيدتي فهما خلقتا للقلم واكتبي اكتبي لأحفادك الضائعين علك تنتشلين بعضهم من الغرق .. أكتبي لعل تزرعين بذرة تنبت شموعا تنير هذا النفق ..
ورسالة لمن يعرفها .. اقنعوها رجاء بنشر كتابها إلكترونيا على الأقل .. وكتابة سيرة ذاتية كحد أدنى


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق