الشمس تشرق دائما

في قلعة الثوار ... في جزائر الاحرار... ننثر عليكم ورودا وازهار

الثلاثاء، 7 نوفمبر 2017

جولة في المقبرة - محمد بومعراف



لا ذنب لوحيد.. أن كان مسقط رأسه مقبرة.. وأن كانت صرخته. الأولى.  لاستقبال الحياة.. صرخة اليتم وفراق الوالدة.. لم يختر وحيد أن يكبر وحيداً في تلك المقبرة.. كان صغيراً وضعيفا وغير قادر على صد التفكير الجنائزي الذي أحاط به في شكل أب.. أقارب.. و مجتمع.. فتشربه مع الماء والهواء.
لكنه رغم سخطه عليها. . كانت المقبرة وطنه الذي صبغ شخصيته بألوان الحداد.. مع ذلك اختار التاريخ تخصصا لدراسته.. بدل الطب.. ثم استمر فيه كوظيفة ومورد رزق.. متمردا بذلك على رغبة والده في أن يكون طبيباً .. كأن حكمة الله. . ألهمت الأب سجين الماضي..أن  يحلم بإنجاب طبيب.. يتجاوز مرحلة التغني بالبطولة.. والتراشق بالخيانة.. إلى تشخيص أسباب توقف عجلة الزمن.. ثم إلى إيجاد العلاج.. بتر ما يجب أن يبتر.. تضميد الجراح وإنعاش شعب جرح جرحا بليغا وهو يفتك حق الحياة ممن حرمه إياها.. شعب لازال جرحه نازفا.. لازال طريح الفراش.. يتأرجح بين الموت والحياة
الحياة.. التي ابتسمت لوحيد من خلال عيون نبيلة.. فتسربت إليه.. وأشرقت بها روحه
نبيلة.. نبيلة التي لم يحرك خنصر يده من أجلها هي ولا من أجل وطنه... لم يحاول التمسك بحقه في التواجد قربها.. بل أدار لها ظهره وخرج خلف والده وتبعه.. الى ذات المقبرة الخانقة التي يمقت..
فخسر سعادته وازداد نفوره من والده ووطنه ليقرر الهرب بعيداً جداً
الهرب.. الهرب والإشمئزاز ممن سبب هذه المأساة.. الكآبة.. البؤس واليأس من تحسن الوضع يوما.. هو كل ما نجح فيه وحيد.. ورغم شعوره العميق بتقصيره.. ومحاولاته للنظر في المرآة لرؤية أخطائه.. لم يكن يرى في كل ما حوله.. غير ظلال التاريخ.. وغبار الأحذية الثقيلة التي تدعسنا
المقبرة سكنت وحيد وهو لم ينجح في التمرد على نفسه.. لم يتخطى شعور المظلومية والعجز مطلقاً.. ففي ألمانيا.. كان قبرا يتجول..
وفي الجزائر صار قبرا مغتربا.. متجولا أيضاً

قد يجد كل من يقرأ هذه الرواية في نفسه مشاعر متضاربة حيال وحيد وكل الشخصيات فمنكم من سيتعاطف معه ومن سيوافقه ومن سيغضب منه مثلي.. لكني أظن أن محمد بومعراف كتب روايته الأولى بهذا العمق ليقول لك ولي.. أنت لست الوحيد.. وأنا لست الوحيد.. فكلنا وحيد ووعينا بذلك.. وكسر دائرة العجز المغلقة هذه هو سبيل خلاصنا وخلاص مقبرتنا الوحيد.

هناك تعليق واحد:

  1. ان امكن ان ترسلي الرواية bdf لكي أجعلها موضوع للدرسه في مذكرتي lamiazegheb@gmail.com

    ردحذف