الشمس تشرق دائما

في قلعة الثوار ... في جزائر الاحرار... ننثر عليكم ورودا وازهار

الخميس، 17 مايو 2018

البطولة عند دوستويفسكي - قراءة في رواية الإخوة كارامازوف

أن تنجو بقلبك ومبادئك رغم كل شيء
افتتح فيودور رواية الإخوة كارامازوف بمقدمة فريدة من نوعها فيما قرأت إلى الآن .. فقط ليحث قراءها على تدبر إحدى الشخصيات .. والتي وصفها بالبطولية .. بدا مرتبكا متخوفا من أن لا نوافقه الرأي .. وأن نتساءل ماذا قدم ألكسي فيردورفيتش ليستحق لقب البطل
من يقرأ أعمال دوستويفيسكي يعرف أنه يولي اهتماما بالغا بإستنباط خفايا شخصياته .. كل شخصياته .. فيحلل دوافعها .. مشاعرها والظروف المحيطة بها بطريقة يعجز أحدنا أن يحلل بها حياته الخاصة
عودة الى أليكسي "أليوشا" والذي كان الإبن الأصغر من عائلة -ان صحت تسميتها كذلك- تتكون من ثلاث أيتام مهملين وأب سكير .. عربيد .. لا يعترف بدين ولا بضمير ولا يرى في الحياة بأسرها هدفا غير متعته وراحته الذاتية
لأليوشا أخوان .. أحدهم جامعي مثقف والثاني عسكري سابق قوي وشجاع .. رغم شهامته ورث شهوانية أبيه
يصور لنا هذا الروائي العظيم كيف تؤثر قسوة الحياة على الإنسان .. وكيف تعصف به شهواته لتفقده كل جميل فيه
وهنا تظهر جوانب بطولة أليوشا .. الفتى المحبب الى قلوب الجميع والذي ورغم ورعه وتدينه بقي محبا لوالده الأرعن ولأخويه .. سواء للذي سحلت لذاته كرامته أو للذي أسرف في تأمل شرور العالم فتطرف في تفكيره وقناعاته
ينتهي الأول في السجن المؤبد مع الأشغال الشاقة بتهمة قتل أبيه .. وينتهي الثاني يصارع موته إثر حمى دماغية وهلوسات مردها شعوره بالذنب .. فأفكاره المتطرفة عن الخير والشر .. عن الله والشيطان كانت حافزا لأخيهم الرابع - خادمهم سماردياكوف- لقتل العجوز "والده " الذي جاء به الى هذا العالم بإغتصابه أمه المجنونة المشردة ذات الرائحة النتنة .. فقط كي يرفع التحدي ويثبت لنفسه أنه أقذر البشر وأكثرهم انحطاطا
في وسط هذا المستنقع الآسن .. ولد وعاش أليوشا .. ولم تحدثه نفسه أن يكون ذئبا كي لا تأكله الذئاب .. لا ولا حدثه ورعه ونقاؤه أن يتقزز من أحد الخاطئين
وبهذا فقط إنما نجا من المصير المظلم الذي أحاق بكل افراد عائلته
أليوشا .. حبيب الجميع ومكمن ثقة الكل .. يختتم الرواية خاطبا في حشد من الأطفال .. أمام قبر صديق لهم مات بسبب سخريتهم منه
أترك لكم كلام أليوشا في هذا الرابط .. الدقائق ال 15 الأخيرة

وهو بهذا الكلام إنما يزرع بذرة النجاة فيهم وفي قراء الرواية من خلالهم
فأليوشا .. انسان عادي أقل ذكاء من أخيه إيفان وأقل شجاعة من اخيه ديمتري .. لم يكمل دراسته ولا واصل درب الرهبنة الذي بدأه .. حتى أن إيمانه تزعزع ذات يوم وتوجه لزيارة غروشينكا في بيتها وهو يدرك أنها تسعى لإغوائه ..
ألكسي إنسان طبيعي في بيئة مريضة وظروف صعبة .. أصعب مما قد يواجه أغلبنا .. لكنه نجح في الحفاظ على إنسانيته وتوازنه فاستحق بذلك لقب البطل ومحبة واحترام الكل

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق